رغم الأوضاع الاقتصادية التي عانى منها العمال والمواطنون خلال جائحة كورونا إلّا أنّ مشكلة المواصلات زادت أعباؤها خلال فترة تخفيض السعة المقعدية لوسائط النقل العام، كالحافلات وسيارات السرفيس.
لم تنحصر أعباء المواصلات على العمّال بعدم وجود وسائط نقل فقط، وإنما توسعت برفع تكلفة الاستخدام وبخاصة في مركبات السرفيس البيضاء، وباصات النقل المتوسطة "الكوستر"، لأنّ العديد من سائقي هذه الوسائط حمّلوا الركاب تكلفة المقاعد غير المشغلة بحكم القرار الحكومي الذي اعتمد سعة مقعدية 50% خلال صيف 2020، ارتفعت بعدها إلى 75% وعادت مطلع أيلول الحاليّ إلى100%.
بعض المركبات كانت تزيد التعرفة على الركاب 15 قرشاً وربما أكثر للخطوط القصيرة داخل العاصمة عمّان، كخط "دوار المدينة – جبل الحسين، دوار الداخلية – الدوار الثالث"، في حين أنّ الخطوط الخارجية كخط "صويلح – اربد" كانت تتقاضى 4 دنانير ونصف الدينار، بدلاً من الراكب الناقص، علماً أنّ التعرفة المخصصة لهذا الخط في هيئة تنظيم النقل البريّ تبلغ دينارين و75 قرشاً منذ قبل الجائحة وحتى الآن، بحسب موقع الهيئة، في وقت كان يضطر العمّال المتنقلون بين المحافظات استخدامها في سبيل الوصول إلى أعمالهم.
"إذا مش عاجبك إنزل" كلمة يسهل النطق بها من قبل سائقي هذه الخطوط بالتحديد، كالخطوط بين المحافظات، لأنّ الراكب قد لا يكون قادراً على دفع دينار أو 1,5 دينار.
في الوقت الحاضر وبعد عودة السعة المقعدية إلى 100%، ما زال بعض سائقي خطوط المحافظات يتقاضون أجرة تزيد عن التعرفة الرسمية بنحو 25 قرشاً وبعضها 75، في حين يستمر بعض السائقين داخل العاصمة عمّان بتقاضي نصف دينار بدلاً من 45 قرشاً.
"المرصد العمّالي الأردني" جال بين الحافلات وسيارات السرفيس لعدة خطوط في العاصمة عمّان واربد ووجه أسئلة للعمال المستخدمين هذه الوسائل والسائقين، فأفاد أحد المستخدمين المتجه إلى عمله بمنطقة دوار الداخلية، ويستخدم سرفيس دوار المدينة الرياضية – جبل الحسين أن التسعيرة محددة منذ ما قبل جائحة كورونا، بـ45 قرشاً، إلّا أنّ العديد من السائقين ورغم تجاوزهم السعة المقعدية ونقل 4 ركاب كانوا يحصلون على نصف دينار واليوم وبعد العودة إلى السعة الطبيعية ما زال الراكب يدفع نصف دينار.
تكمن المشكلة بأنّ العمّال وذويهم قد يكونوا من أكثر الفئات استخداماً لهذه الوسائط وعادة ما تكون أجورهم متدنية فلا يستطيعون شراء مركباتهم الخاصة أو استقلال سيارات التكسي والتطبيقات الذكية، ما يعني أن استغلال حاجتهم من أجل الوصول.
فقد أكدّ عامل آخر يستخدم سرفيس ( الجاردنز – خلدا) أن بعض السائقين رفعوا التعرفة إلى 75 قرشاً خلال فترة تخفيض السعة المقعدية حيث دفع الركاب 25 قرشاً زيادة على التعرفة الرسمية المحددة بـ50 قرشاً من قبل هيئة تنظيم النقل البري، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ الوضع عاد إلى ما كان عليه بالتعرفة الأصلية.
كذلك فإنّ غياب وسائط النقل المرخصة كسيارات السرفيس والحافلات (الكوستر) تضطر بعض أهالي القرى الخالية لاستخدام وسائل نقل خاصة دون "عدّاد" أو تعرفة رسمية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال من خلال دفع أسعار لا تتناسب مع التكلفة التشغيلية لهذه المركبات التي كان لها نصيب في الاستغلال خلال جائحة كورونا، كعاملة تستقل حافلة صغيرة مقابل 5 دنانير تقلها إلى عمان.
سائقون يعزون ذلك خلال حديثهم لـ"المرصد العمّالي إلى أنّ التعرفة قد تكفي الكلف التشغيلية فقط كسائقي سرفيس (الجاردنز – خلدا) الذي يرون أنّ تسعيرة "نصف دينار" غير كافية مقدرين التعرفة المناسبة بـ65 -75 قرشاً لتأمين الكلف التشغيلية وحق السائق وكلفة ضمان المركبة.
"بروح بخمس أو ست ليرات على أولادي.. مثل الي بنضحك ع حالنا"، بهذه الكلمات يصف أحد السائقين وضعه واضطراره للعمل في هذه المهنة.
في وقت وصف فيه أحد سائقي سرفيس خط (الداخلية – الدوار الثالث) أنّ المواطنين أقبلوا على هذه الوسيلة خلال جائحة كورونا، بدلاً من استخدام سيارات التكسي أو تطبيقات النقل الذكي، بغية تخفيف الكلف الاقتصادية.
وأوضح لـ"المرصد العمّالي" أن رفع التعرفة خلال جائحة كورونا، لم يكن من السائقين، وإنما "كرم" الركاب نفسهم تمثل بدفع 50 قرشاً، بدلاً من 35 قرشاً التعرفة الرسمية من الهيئة.
في الوقت ذاته تقول فيه الناطقة باسم هيئة تنظيم النقل البري الدكتورة عبلة وشاح إنّ الهيئة تلقت شكاوى عديدة حول عدم تقيد السائقين بالتسعيرة المحددة خلال فترة الجائحة وحتى آب الماضي، ولدى التأكد منها، تم تحويل المخالفين إلى إدارة السيرة للتعامل معهم.
ويعاقب هؤلاء، وفق الوشاح، وفقاً لقانون تنظيم نقل الركاب الأردني، في حين لم ترد إلى الهيئة أي شكاوى منذ عودة السعة المقعدية الكاملة، برفع أجور النقل.
وبينت أنّ كل من يرفع أجور النقل بحجة السعة المقعدية هو "مخالف للقانون"، وطالبت المواطنين بتقديم الشكاوى ضد المخالفين والاطلاع على التسعيرة الرسمية لجميع الخطوط عبر موقع الهيئة الإلكتروني.