بقلم باسم عقاد
مرة أخرى، وجدت نفسي على مفترق طرق بين فعل المعتاد أو استكشاف غير السائد، ومرة أخرى لم يكن الدافع حسًا بيئيًا مرهفًا أو غلبة ضمير، وهذه المرّة لم يكن السبب اقتصاديًا بحتًا، بل له جانب تقنيّ، فـ«تطبيع» السيارة الكهربائية كانت اللحظة التاريخية التي يعلن المستقبل فيها عن بداياته بالنسبة لي.
فبعد أن قمت بتننفيذ نظام الكهروضوئي وتحقيق عوائد من هذا الاستثمار بزمن قياسي، 36 شهرًا، وإعلان الديوان الملكي عن خطته لاستبدال أسطول سيّاراته بمئة وخمسين سيارات كهربائية، حسمت أمري بأنّ سيارتي القادمة ستكون كهربائية، ومنذ أن بدأت البحث عن السيارة المناسبة استطعت استخلاص عشر معلومات ومغالطات ستساعدك في الوصول إلى فهم أفضل عن السيارات الكهربائية بشكل عام وعن جدوى وظروف اقتنائها محليًا.
الإعفاء من الجمرك والضريبة والرسوم حقيقي
في منتصف العام 2015، تم إقرار الإعفاء الكامل من الجمرك وضريبة المبيعات ورسوم التسجيل والترخيص لأول مرّة، وإن كانت إدارة السير تمكّنت من تمرير 124 دينارًا رسوم فحص وإصدار رخصة اقتناء لسيارتي. رافق ذلك إعلان دائرة ترخيص السواقين والمركبات عن رسوم «غير منطقية» لتجديد الترخيص السنوي، تحتسب كنسبة من قيمة السيارة الجمركية تصل -افتراضيا- لآلاف الدنانير! وتم العدول عن ذلك مع الإعلان عن قائمة الرسوم الجديدة نهاية عام 2015 والتي حددت رسمًا مقطوعًا لتجديد الترخيص للسيارات الكهربائية يبلغ 50 دينار سنويًا.
هناك سيارات كهربائية غير «تسلا»
إن سيارة تسلا تعد من أكثر السيارات تطورًا وتعتبر سيّارة سابقة لمثيلاتها تقنيًا وفنيًا على عدة أصعدة، وتعد الأشهر من بين السيارات الكهربائية. لكن على الصعيد المحلي، وبجانب السيارات المستعملة المستوردة غالبًا من السوق الأمريكي، فإن ثلاث وكالات محلية توفر وتدعم سيارات كهربائية وهي رينو Zoe وi3 BMW وأخيرًا C-Zero Citreon، ولا يوجد، حاليًا، وكيل رسمي لتسلا. وباستثناء الأولى، فإن أسعار السيارات لدى الوكالات منطقيّ ويعكس الإعفاءات التي وفّرتها الدولة لتشجيع اقتنائها.
سرعة السيارة القصوى ليس بالأمر المهم
لسبب غير مبرر، بالنسبة لي على الأقل، فإن أكثر سؤال تعرّضت له منذ اقتنائي لسيارة كهربائية كان عن سرعتها القصوى. وإذا تجاوزنا الجانب البريء والطفولي لهذا السؤال فإن أغلب السيارات الكهربائية التجارية لا تختلف البتة بمقاييس الأداء العامة عن قريناتها من السيارات التي تعمل بالبنزين بما في ذلك عزم السيارة، أي أنك ستستطيع التغلب على أعتى طلعات عمّان، وإن كانت طريقة عمل السيارة بما في ذلك المحرك وناقل الحركة مختلفة نوعًا ما، وهذا يؤدي إلى فرق في شعورك بتسارع السيارة وتباطؤها عند استخدام المكابح. الشيء الوحيد الذي قد تحتاج اعتياده هو الصمت المطبق خلال ركوبك، كون المحرك لا يصدر أي صوت.
مدى أغلب السيارة الكهربائية لن يوصلك للعقبة
من بين الأسئلة الأكثر شيوعًا، يأتي السؤال عن المسافة التي تستطيع السيارة أن تقطعها عند شحنها بالكامل، وهو سؤال منطقيّ، إذ أن البنية التحتية لمحطات الشحن غير متوفرة. وبشكل عام، فإن أغلب السيارات الكهربائية توفر مدى يتراوح بين 100 و200 كيلومتر للشحنة الكاملة، باستثناء سيارات تسلا التي يصل مداها إلى أكثر من 400 كيلومتر، أي أن السيارة الكهربائية لن توصلك إلى العقبة لكنها ستكون مناسبة جدًا لتنقلاتك اليوميّة، وإن كانت فكرة أنك محدد بمكان واحد للشحن قد تكون مقلقة نوعًا ما، وربما تفسد عليك احتمالية «الطشّة» بالسيارة دون تخطيط، وتؤدي إلى نوع من أنواع الرهاب اسمه range anxiety.
عمر البطارية ليس بالهاجس الأكبر
يأتي بعد ذلك السؤال عن عمر البطارية، حيث أن البطاريات الكهربائية بغض النظر عن نوعها وحجمها لها عمر افتراضي يطول ويقصر مع كيفية الاستخدام وعدد دورات الشحن والتفريغ التي تمر بها.
أغلب المصنّعين يقومون بكفالة البطارية لعدد سنوات تفوق تلك التي يكفلون بها السيارة ذاتها، وهي بالغالب تتجاوز الخمس سنوات. مع العلم بأن قدرة البطارية على حفظ كامل الشحنة بها يتضاءل مع مرور السنوات وبشكل ملحوظ.
عملية الشحن ليس بالأمر المعقد
جميع السيارات الكهربائية يتم بيعها مع شاحن منزلي يعمل بتيار الكهرباء العادي «تيارمتردد AC 240v»، وأغلب تلك الشواحن تحتاج من ثمان إلى تسع ساعات لإتمام شحن البطارية، بعض الشواحن المنزلية تستطيع اختصار تلك الفترة إلى ست ساعات باستخدام تيار «أمبير» أعلى.
كما أن معظم السيارات الكهربائية مزودة بمدخل شحن سريع يستخدم التيار المستمر «DC»، وتحتاج إلى محطات خاصة مكلفة، لكنها تختصر عملية الشحن إلى نصف ساعة أو أكثر قليلًا.
لا توجد شبكة شواحن في محطات المناصير، وغالبًا لن تكون بحاجة إليها
من الأسئلة التي اعتدت أن أتلقاها هو سؤال إن كنت أستخدم الشواحن لدى محطات وقود المناصير، وفي حقيقة الأمر فإن شركة المناصير للزيوت والمحروقات أقامت بالتعاون مع الديوان الملكي ثلاث محطّات، جميعها خارج العاصمة عمّان وتخص نوعًا واحدًا من السيارات فقط وهي التسلا وخاصة بالاستخدام الرسمي فقط. لكن وحسب صفحتهم على فيسبوك فإن الشركة بصدد إنشاء عشر محطات أخرى تخدم جميع الأنواع الأخرى، كان المفترض بأن تنتهي الشركة من تنفيذها في تشرين الثاني من عام 2015.
لكن ما يدعو للتفاؤل، هو أن أمانة عمّان، وبحسب المهندس أيمن الصمادي مدير النقل في الأمانة، بصدد تركيب عشر محطات شحن حول العاصمة؛ خمسة منها سريعة، وستكون متاحة للجميع، وسيتبع ذلك عشر محطات أخرى في مرحلة لاحقة.
كذلك تدرس هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن تحديد تعرفة شحن السيارات الكهربائية وتنظيم وتقنين تركيب محطات الشحن، مما سيؤثر بشكل مباشر على سرعة توفير البنية التحتية وانتشارها.
لكن، ولمعظم قاطني المدن والذين لا يتجاوز متوسط استخدامهم اليومي للسيارة 60 كيلومتر، فإن السيارة الكهربائية عملية جدًا حتى في غياب البنية التحتية لشحنها.
احتساب كلفة شحن السيارة، والوفر الذي قد تحققه، ليس بالأمر الجلي
خلافًا لما ذكره أمين عمّان بأن شحن سيارته الكهربائية يكلّفه دولارًا واحدًا فقط، فإن كلفة شحن السيارة يعتمد بشكل جذريّ على نوع السيارة وطبيعة استخدامها والمسافة التي تقطعها يوميًا، والأهم هو حجم الاستخدام الكلّي للمنزل أو المكان الذي تشحن منه السيارة، حيث أن التعرفة الكهربائية ترتفع وتنخفض بشكل كبير حسب حجم الاستهلاك الشهري.
على سبيل المثال، فإن سيارة السيد البلتاجي، وحسب موقع المُصنّع، يستخدم شاحنها المنزلي تيار 32 أمبير ويحتاج إلى 8 ساعات لشحن البطارية بالكامل، أي ما يعادل الـ57.6 كيلو.واط.ساعة، وعلى تعرفة الكهرباء المنزلي المتوسطة 0.158 دينار للكيلو واط ساعة، فإن كلفة تعبئة البطارية بشكل كامل هي 9.01 دينار، وهي ثلث قيمة البنزين التي قد تحتاجه سيارة مماثلة القوة ولمدى 400 كيلومتر. على الجانب الآخر، فإن سيارتي الكهربائية تكلّف ما يقارب الدينار ونصف لكل 100 كيلومتر لانخفاض التعرفة الكهربائية بوجود النظام الشمسي.
الصيانة الدوريّة شبه معدومة
من الميّزات غير المعروفة للسيارات الكهربائية أنها لا تحتاج إلى صيانة دوريّة، لبساطتها الميكانيكية مقارنة بتعقيدات السيارات التقليدية، يستثنى من ذلك الفحص الدوري للمكابح والزيت الخاص به ونظام التبريد، وبشكل متباعد يتجاوز الـ25،000 كيلومتر بين كل صيانة وأخرى.
الأمانة أطلقت خدمة تكسي بأسطول سيارات كهربائية
قامت أمانة عمّان بإطلاق خدمة تكسي تحت اسم «توصيلة» باستخدام أسطول سيارات كهربائية نوع «نيسان ليف»، وهي غير متوفرة رسميًا عبر الوكيل حتى الآن، وتقوم هذه الخدمة على وقوف السيارات في مواقف محددة مثل ساحة الملك فيصل وشارع الوكالات، ومقابل مبلغ مقطوع -نصف دينار- تقوم بتوصيل الراكب لأي مكان في منطقة خدمتها.